السحر والعين

سحر المحبة لجلب الحبيب أنواعه و أسبابه و حمكه

      في هذا المقال سنتكلم – بتوفيق من الله  – عن سحر المحبة الذي هو نوع من أنواع السحر التي يذكرها أصحاب التخصص والمعالجون، ويفردون لها حيِّزا مهما في كتبهم مثل: سحر التفريق بين الزوجين، وسحر تعطيل الزواج ، و السحر المأكول ، وغيرها من الأنواع التي تشغل بال الناس .

إن سحر المحبة معروف بالدرجة الأولى عند النساء، حيث يلجأ بعضهن إليه لتوطيد العلاقة بينهن وبين أزواجهن، لكن هناك فئة من الرجال أيضا تلجأ إلى سحر المحبة للتحبيب وجلب الحبيب أيضا ، أو تهييج الحبيب للنكاح..

يعلم الجميع أن أيَّ أسرة إلاَّ وستجد فيها خلافات بين أفرادها وخاصة بين الزوجين، وسواء كانت هذه الخلافات خفيفة أو كبيرة، فقد يسبب ذلك أحيانا قطيعة وتنافرا بين المتخاصمين، فيبتعد أحدهما عن الآخر، وهو الشيء الذي يجر أحدهما إلى استعمال سحر المحبة لجلب حبيبه أو إرجاع زوجته، حسب نوع العلاقة بين الشخصين.

ولهذا؛ سيؤدي بنا هذا البحث إلى طرح مجموعة من الأسئلة من قَبِيل: هل سحر المحبة حقيقي ؟  وهل سحر المحبة حرام ؟ و هل سحر المحبة هو سحر العطف ؟ و ما هي آيات إبطال سحر المحبة مكتوبة؟ و ما علاج سحر المحبة ؟ وكيف يكون علاج سحر المحبة بالقرآن الكريم؟

       كل هذا وغيره من الأسئلة سنجيب عنها، ونناقشها في هذا المقال المعنون بــ ” سحر المحبة “، ومنهجنا في ذلك هو المنهج نفسه الذي سلكناه في مجموعة من المقالات الأخرى. وعليه؛ فسنحاول أوَّلا: التعريف بنوع السحر ( سحر المحبة ) ، ثم نتكلم عن أسمائه وأنواعه، وأعراضه، وأسبابه ، وفي آخر المقال نشير إلى حكم سحر المحبة. وعليه فستكون محاور سحر المحبة مرتبة على الشكل الآتي :  

تعريف سحر المحبة:

تعريف سحر المحبة
سحر المحبة لجلب الحبيب

           هناك مجموعة من تعاريف سحر المحبة، وسنحاول ذكر بعضها، والتركيز على أهمها لتتضح الرؤية للمتابعين، فنقول: بأن المحبة ضد التفريق، وبالتالي فإن سحر المحبة ضد سحر التفريق الذي رأيناه في مقال آخر، فالأول ( سحر المحبة ) يعمل لأجل تحقيق المحبة الزائدة بين طرفين اثنين ، والثاني يعمل لأجل التفريق وإبعاد المتحابين أو الزوجين من بعضهما البعض .

         ومن تعاريف سحر المحبة قولهم: عمل يعمله الساحر يريد من خلاله الجمع بين المتخاصمين المتباعدين فيما بينهما، المتنافرين، والمتباغضين. وقد يُعرّف سحر المحبة أيضا بقولنا: إعمال الساحر عملا يؤدي إلى المحبة المبالغة والزائدة عن اللزوم بين الزوجين أو أخوين، أو أختين، أو بين الولد والوالد أو غيرهم …  

       وقيل أيضا في تعريف سحر المحبة: هو الجمع بين اثنين أو أكثر عامة، لأجل أمور معينة بناء على توصية من قام بعمل السحر.

أسماء سحر المحبة :

             من أسماء سحر المحبة: سحر العطف، والتِّوَلة، فالبعض يسمي هذا النوع من السحر سحر المحبة، والبعض الآخر يسميه سحر العطف، والبعض الآخر يسميه التِّولة، وخاصة عند العلماء المتقدمين، والمقصود بالتِّوَلة هو: ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره..، وجاء في كتاب المحيط: ” التُّولة والتِّوَلة: شيءٌ يُشبه السحر، يُحببُ المرأة إلى زوجها. “، وقد يقصد به تهييج الحبيب أيضا، فقد قال ابن مسعود: (الرقى والتمائم والتولة شرك ) ؛  فقالت له امرأته ما التولة؟ قال : التهييج . وهذا ما يعني أن المصطلحات الثلاثة: ( سحر المحبة ، سحر العطف ، والتولة ) كلها منصبة في نفس المعنى، فلا مشاحة في الاصطلاح، فتعريف سحر المحبة، هو نفسه تعريف سحر العطف،  وهو أيضا تعريف التولة، فالأسماء الثلاثة متقاربة في المعنى  .

أنواع سحر المحبة :

          المعروف عند كثير من الناس أن سحر المحبة يكون فقط بين الزوجة وزوجها، لكن الصحيح أن سحر المحبة أنواع، ومن هذه الأنواع ما يلي:

  • سحر المحبة بين الزوجين، أي عطف الزوج على زوجته، أو عطف الزوجة على زوجها، مما يؤدي إلى مزيد من محبة وشغف بين الزوجين، وقوة الرغبة في الجماع، والتلهف الشديد لرؤية الآخر، بل أكثر من ذلك فالذي كان قد عمل سحر المحبة للآخر، يكون المسحور أشد طاعة للساحر في كل شيء.
  • سحر المحبة بين الأم وابنها، أو ابنتها، بحيث عمل السحر يكون من الأم أو العكس من البنت أو الابن.
  • سحر المحبة بين الأب وابنه أو ابنته، بحيث عمل السحر يكون من الأب أو من الابن أو من البنت لأجل الإفراط في المحبة والطاعة في كل أمر.
  • عطف الأخ على أخيه، أو أخته، أو العكس، بمعنى سحر المحبة يكون من أحد الإخوة.
  • سحر المحبة بين الأقارب بعضهم على البعض.
  • سحر المحبة المعمول من الشريك لشريكه.
  • سحر المحبة المعمول من الصديق لصديقه.
  • والنوع الأخير هو سحر المحبة بين الجار وجاره، أي عطف الجار على جاره.

أعراض سحر المحبة

    من أعراض سحر المحبة ما يلي:

  •  المحبة الزائدة والمفرطة لكل قول أو فعل صدر من الشخص الذي عمل له سحر المحبة.
  • تغير أحوال الشخص المصاب بسحر المحبة بشكل مفاجئ من بغض وكراهية، إلى محبة وود.
  • الثقة المفرطة والمطلقة من المسحور للساحر.
  • رؤية المسحور للأشخاص الذين عملواْ له سحر المحبة في هيئة حسنة وجميلة محببة للنفس. رغم أن في الظاهر عكس ذلك.

أسباب سحر المحبة :

أسباب سحر المحبة
أسباب سحر المحبة

   من أسباب سحر المحبة ما يلي:

  • وقوع خلافات بين الزوجين، بحيث تصير الخلافات والصراعات هي الغالبة في بيوتهم. فتلجأ الزوجة أو الزوج إلى سحر المحبة لفض هذه الخلافات والنزعات، ظنا أن ذلك يزيل الخلافات بينهما وتعود المحبة المستمرة، والطاعة من أحدهما للآخر في كل شيء دون معارضة من المسحور.
  • الطمع والجشع من قِبَل أحد الزوجين: حيث تطمع المرأة مثلا في ثروة الزوج وماله، حالة كونه غنيا، ليكون تابعا لها في كل ما تطلبه من أمور مادية دون أن يعارضه ويخالفها الرأي، لتفعل ما تشاء دون إنكار من الزوج.
  • الخوف والقلق من المستقبل: تلجأ بعض الزوجات إلى سحر المحبة خوفا من أن يتزوج عليها زوجها امرأة ثانية، ويدخل عليها زوجة ثانية تشاركها في ثروته وماله وبيته، وفي الفراش أيضا، ظنا منها أنه إن تزوج زوجة أخرى، فسيعطي مكانة رفيعة للزوجة الثانية الجديدة على حسابها، وهذا ما تظنه بعض النساء، وإنما ذلك من وسوسة الشيطان، فالخوف من زواج الزوج بامرأة أخرى سبب من أسباب اللجوء إلى سحر المحبة، حتى لا يرى الزوج إلا زوجته الأولى الواحدة، وبسحر المحبة تحصنه وتبعده عن كل النساء. 

حكم سحر المحبة.

           للحديث عن حكم سحر المحبة، نحتاج إلى أدلة قوية نبني عليها الحكم الشرعي لسحر المحبة، وبذلك نكون قد أجبنا عن السؤال الذي طرحناه في مقدمة المقال: هل سحر المحبة حرام؟ 

     وإذا أجبنا عن هذا السؤال فقد أجبنا عن مجموعة من الأسئلة والقضايا التي تشير إلى نفس المعنى؛ كحكم جلب الحبيب بالصورة على الهاتف، أو جلب الحبيب بالهاتف، أو تهييج الحبيب بالملح، أو جلب الحبيب بالقرآن، أو حكم قراءة آيات قرآنية لجلب وتهييج الحبيب، وغيرها من المسائل الأخرى المشابهة لسحر المحبة.

     وقد ذكرنا في السابق في أسماء سحر المحبة أن من أسمائه هو التِّوَلة، وهو الكلمة المعروفة عند العلماء القدماء، خاصة شراح الأحاديث، وعند المفسرين أيضا في كتب التفسير، لأن الأحاديث الواردة في سحر المحبة وردت بكلمة ” التِّولة “. ولهذا فإن حكم سحر المحبة هو التحريم، والدليل على ذلك ما قاله ابن مسعود رضي الله عنه: (الرقى والتمائم والتولة شرك)، فكل من يشتغل ويعمل بسحر المحبة الذي هو التولة فقد أشرك بالله تعالى، والشرك كما هو معلوم محرم. وعليه فسحر المحبة لا يجوز الاشتغال به ، فهو عمل محرم شرعا .

      ولقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن عمل سحر المحبة للتوفيق وجمع الزوجين، فأجاب بقوله : (هذا محرم، ولا يجوز ، وهذا ما يسمى بالعطف ، أما ما يحصل به التفريق فهو الصرف وهو أيضا محرم ، بل زاد وقال : وقد يكون ذلك كفرا وشركا، واستدل بقوله تعالى :   (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) سورة البقرة:102.

           أما حكم تهييج الحبيب للنكاح باستعمال سحر المحبة أو التِّولة فلا يجوز شرعا، والدليل على ذلك ما قاله ابن مسعود أيضا: (الرقى والتمائم والتولة شرك) فقالت له امرأته: ما التولة؟ قال التهييج. ولهذا فكل تهييج للحبيب باستعمال سحر المحبة محرم. لأن التهييج قد يأتي من الشخص نفسه، أو قد يكون باستعانة الشخص بما يسمى الشيخ الروحاني.

        ولهذا نحذر الناس من هذا النوع ممن يستعمل هذا المصطلح (الشيخ الروحي)، لإيقاع الناس في مصيدتهم، فليس هناك شيء اسمه شيخ روحاني يساعد الناس ويعالجهم، فالكل يلهث لأجل المال، ولا يهمه الحال والحرام. 

      فالذي يستعمل السحر لتفريق بين الناس، والتهييج، وخلق الفتنة بينهم، فلا خير فيه ولو سمى نفسه الشيخ الروحاني. لأنه غالبا ما يستعمل هؤلاء ما يسمى ” طلاسم جلب الحبيب “، فيظن الشخص المسكين الذي اعتمد عليه أنه إنما استعمل آيات قرآنية لجلب الحبيب كما يدعون، أو أنه إنما قرأ دعاء جلب الحبيب فقط، أو أنه قرأ آيات قرآنية لجلب الحبيب وتهييجه.. وكل ذلك خزعبلات لا أصل لها في الدين، ولا وجود لآيات قرآنية خاصة في جلب الحبيب، ولا تهييج الحبيب للنكاح أو غيرها. فليحذر الناس من هؤلاء الذين يستغلون ضعف ثقافة الناس الدينية.

           قد يلجأ بعض النساء حين يفقدن أزواجهن إلى استعمال سحر المحبة لإرجاع الزوج سريعا، وهذا فعل غير مقبول، وخطأ ينبغي التوبة منه. لا تظن المرأة بأن مقصدها من ذلك السحر إنما لإرجاع الزوج الذي تركها وأهملها. فقد أشار ابن العربي في كتابه أحكام القرآن أن من أقسام السحر: فعل ما يفرق به بين المرء وزوجه، وهو النوع الذي ذكر في سورة البقرة، بينما النوع الثاني هو ما يجمع بين المرء وزوجه، ويسمى ” التولة ” أي سحر المحبة ، وكلاهما( سحر المحبة و سحر التفريق )  كفر، والكل حرام، وهو القول الذي ذهب إليه الإمام مالك.

        وبعد معرفتنا لحكم الشرع في سحر المحبة فلا ينبغي للمسلم أن يبحث ويظن أن هناك دعاء لجلب الحبيب في لمح البصر كما يدعي البعض، أو أن هناك دعاء لجلب الحبيب سريعا، أو البحث عن طريقة يتم من خلالها جلب الحبيب بالصورة الشخصية خلال ساعة واحدة، كما يزعم بعض من يجهل بحقيقة سحر المحبة، أو يسأل شيخا ما عن آيات لجلب الحبيب … 

       كل ما ذكر في السابق، وما يشبهه لا أصل له من الدين في شيء، فاللجوء إلى هذا النوع من الأساليب التي يستعمل فيها سحر المحبة من أجل جلب الحبيب أمر مرفوض في الشرع، بل هناك من يستعمل طلاسم جلب الحبيب – والعياذ بالله – فليحذر الشخص من هذا وليسلك الطرق الشرعية ليرزقه الله بالحبيب الحلال (الزواج الشرعي ).

       وإذا رأى الشخص من نفسه أنه يميل إلى استعمال هذا النوع من السحر، فليتق الله تعالى وليتوب إليه، وأن هذا المسلك ليس من أفعال المسلمين المؤمنين الحقيقيين، بل ذلك من أفعال الشياطين، فلا ينبغي للمسلم أن يبحث عن كيفية عمل سحر المحبة من أجل الزواج أو تهييج الحبيب للنكاح.

أسئلة وأجوبة :

  • كيف تتخلص من سحر المحبة؟

       التخلص من سحر المحبة يكون بالرقية الشرعية، وبالذكر، وبتقوى الله تعالى ، وأداء الواجبات من صلاة وصيام وزكاة وغيرها من العبادات ، مع ملازمة قراءة القرآن، وخاصة الآيات القرآنية التي ذُكر فيها السحر .

  • هل يحاسب المسحور على الزنا؟

       الزنا ذنب عظيم، وقد قال الله تعالى: ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) ، والشخص إذا عُلم من نفسه أنه أصيب بنوع من أنواع السحر، فعليه أن يبادر ولا يتراخى ليعالج نفسه بالرقية الشرعية، وعليه ألا يبرر أفعاله التي يُقْدم عليها كالزنى أنه يزني من غير وعي، وأنه أصيب بسحر ما، بمعنى أن تأثير السحر هو الذي أفقده عقله، فهذا خطأ، وحسابه على الله . لأن الذين رَفَع الله عنهم القلم لم يذكر فيهم المسحور . 

  • هل يجوز استخدام السحر في عمل الخير؟

       إن استخدام السحر في عمل الخير، هو سحر ولو كان في الخير، والأفضل والأجدر للشخص أن يبعد نفسه من هذه الأشياء، فليعمل الخير بدون السحر، لأن السحر محرم، ولا داعي للبحث عن طريق لتسويغ العمل بالسحر.

  • هل الحجاب نوع من السحر؟

     ما يفعل بعض الناس من حجابات مصغرة، ويتم تعليقها في أعناقهم، أو في مكان من أبدانهم فلا يجوز ذلك إن كان المكتوب فيها غير القرآن الكريم، وهذا باتفاق العلماء، بينما إن كتب فيها القرآن الكريم ففيه خلاف بين العلماء، ولكن الراجح هو الابتعاد عن ذلك كله.

  • هل سحر المحبة حلال أم حرام؟

       سحر المحبة ليس حلالا، فهو من أنواع السحر التي لا تجوز إعمالها، ولا ينبغي للمسلم اللجوء إلى هذا النوع من السحر مهما كان الأمر.

  • هل التعلق بشخص سحر؟

       لا، ليس كل من تعلق بشخص فقد سحر له، ربما يكون ذلك التعلق لمحبته، والمحبة شيء جميل، وقد جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله: ( رجلان تحابا في الله )، فالمحبة شيء محمود وخاصة إن كانت في الله ، ولا يعني الحب والتعلق بالشخص أن هناك سحرا ما.

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستحدم يبدو ان متصفحك يستخدم احد ادوات منع الاعلانات برجاء اغلاق هذه الاداة او ضع موقعنا على القائمة البيضاء لديك