Site icon Assihr

تعريف السحر وحكمه شرعا في الاسلام

تعريف السحر وحكمه شرعا

تعريف السحر وحكمه شرعا, assihr

لا شك أن الكثير من الناس يسمعون عن السحر ولكن لا يعلمون تعريف السحر وحكمه شرعا، وهناك آيات قرآنية وأحاديث نبوية تتحدث عن السحر إلا أن القليل من يدرك معانيها، وحين البحث تجد أن العلماء حينما يتكلمون عن السحر، دائما ما يتحدثون عن حقيقته ؛ فهناك من يرى أن له حقيقة، وهناك من يرى عكس ذلك ، وهو ما سنراه في هذا المقال عبر المحاور الآتية:

تعريف السحر لغة واصطلاحا:

تعريف السحر وحكمه شرعا

    تطلق كلمة السحر من حيث اللغة على معان عدة منها: 

ولقد أخذ الناس كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ” إن من البيان لسحرا ” مَثَلا سائرا بينهم فإذا سمعوا كلاما يعجبهم قالوا ما قاله عليه الصلاة والسلام ” إن من البيان لسحرا ”.

   وعليه فالسحر لغة هو كل ما لطف ودق وخفي سببه، كما يكون السحر أيضا بمباشرة أقوال وأفعال حتى يتم للساحر مراده بالتأثير على الشخص المعني، وذلك من خلال تغيير مزاجه والتأثير في حواسه وعقله وبدنه، فيجد مثلا الحلو مرَّا، فتضعف قواه وينقبض صدره ..

وقد اختلف العلماء في تعريف السحر اصطلاحا إلى تعاريف كثيرة متباينة لكثرة الأنواع الداخلة فيه، ولاختلاف المذاهب فيه بين الحقيقة والتخييل؛ فمثلا البعض يعرفه بتعاريف لا تصدق إلا على ما لا حقيقة له من أنواع السحر، أو ما هو تعريف السحر في اللغة. 

    ومن أمثال الذين عرفوه بما لا حقيقة له أبو بكر الرازي : هو كل أمر خفي سببه، وتخيل على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه والخدع.

قال ابن قدامة في تعريف السحر: هُوَ عُقَدٌ وَرُقًى وَكَلَامٌ يَتَكَلَّمُ بِهِ، أَوْ يَكْتُبُهُ، أَوْ يَعْمَلُ شَيْئًا فِي بَدَنِ الْمَسْحُورِ أَوْ قَلْبِهِ، أَوْ عَقْلِهِ، مِنْ غَيْر مُبَاشَرَةٍ لَهُ.

حكمه شرعا :

   لقد اختلفت أنظار العلماء في تحديد حقيقة السحر إلى قسمين:

      وعليه فإن السِّحر له أثر ثابت و حقيقة لا خيال، قال ابن القصار: ذهب مالك وأبو حنيفة و الشافعي إلى أن السحر له حقيقة، وقد يؤدي إلى المرض أو الهلاك. ولإثبات تأثير السحر و حقيقته؛ استدل العلماء بمجموعة من الأدلة منها:

أدلة تأثير السحر :

تعريف السحر وحكمه شرعا

   تدل هذه الآية على أن للسحر حقيقة، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى

 أخبر فيها عن السحر ،وأنه مما يعلم ويتعلم ،وأن متعلمه يكفر بذلك، وهذه الصفات لا تكون إلا لماله حقيقة. وهو ما يدل على أن للسحر حقيقة.

قال الشوكاني: “في إسناد التفريق إلى السحرة وجعل السحر سبباً لذلك، دليل على أن للسحر تأثيراً في القلوب بالحب والبغض والجمع والفرقة والقرب والبعد.

   تشير التفاسير أن المقصود بالنفاثات في العُقد هي: السواحر اللواتي يعقدن في سحرهن وينفثن في عقدهن؛ قال ابن قدامة: (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) يَعْنِي السَّوَاحِرَ اللَّاتِي يَعْقِدْنَ فِي سِحْرِهِنَّ، وَيَنْفُثْنَ عَلَيْهِ، وَلَوْلَا أَنَّ السِّحْرَ لَهُ حَقِيقَةٌ، لَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ.

 وعليه، فلما أمرنا سبحانه وتعالى في هذه السورة أن نستعيذ به من شر ما خلق ومن السواحر، دَلَّ ذلك على أن هذه الأمور موجودة وثابتة، ولا يمكن إنكارها. قال ابن القيم رحمه الله: “وقد دل قول الله تعالى: ومن شر النفاثات في العقد، وحديث عائشة رضي الله عنها على تأثير السحر، وأنَّ له حقيقة”

 ولقد ذكر المفسرون سبب نزول السورة فأشارواْ على أنها نزلت في لبيد بن الأعصم لما سحر الرسول صلى الله عليه وسلم ثم آتاه جبريل فأخبره بذلك. وسنشير إلى هذه القصة فيما بعد عندما سنتحدث عن أدلة السنة في تأثير السحر وأن له حقيقة. 

ولقد سُحر عليه الصلاة والسلام من خلال شعرات تساقطت من رأسه ولحيته، فتم الحصول عليها من قِبَل جارية صغيرة كانت تذهب إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، فعقد عليها سحراً وضع في بئر ذروان، فكان النبي صلى الله عليه وسلم  يُخَيّل إليه أنه يجامع إحدى زوجاته، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه وألحّ في الدعاء، فاستجاب الله دعاءه وأنزل ملكين أعلماه أنه سحر، فأمر صلى الله عليه وسلم باستخراج السحر ودفنه، وفي بعض الروايات حرقه.

ويُعرف هذا النوع من السحر بنوع عقد الرجل عن زوجته، ولم يمس عقله ولا سلوكياته ولا تصرفاته. ردا على من يقول بأن سحر الرسول صلى الله عليه وسلم غير وارد، ويستحيل وقوعها على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ناسين أن السحر أنواع وأقسام، وكل قسم أو نوع يختلف عن الآخر، والجمهور يقسمون السحر إلى قسمين:

قسم أول ؛ عبارة عن حيل وشعوذة، ومخرقة، وتهويل ،وإيهام ليس له حقائق ،أو له حقائق لكن لطف مأخذها، ولو تم كشف أمرها لعلم أنها أفعال معتادة، ويمكن لمن عرف وجهها أن يفعل مثلها، ومن جملتها ما ينبني على معرفة خواص المواد والحيل الهندسية ويمكن أن يدخل هذا الأمر في ما يسمى بــالسحر قال تعالى ” قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ” الأعراف 116. 

وقسم ثاني له حقيقة ووجود وتأثير في الأبدان وهو الذي ذهب إليه كثير من علماء الحنفية والشافعية والحنابلة والمالكية.

 فمن خلال الأدلة التي استدل بها الجمهور تبين أن السحر عند أَهْلِ السُّنَّةِ حَقٌّ وَلَهُ حَقِيقَةٌ، وَيَكُونُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَيُؤْلِمُ وَيُمْرِضُ وَيَقْتُلُ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ..

عكس المعتزلة وبعض العلماء الذين يقولون أن السحر لا حقيقة له إنَّمَا هُوَ تَخْيِيلٌ، وَبِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ ونذكر بعضا من أدلتهم للإنصاف:

أدلة المخالفين لتأثير السحر وأنه تخييل : 

تعريف السحر وحكمه شرعا

   اِستدل المخالفون لتأثير السحر على الناس وعلى أبدانهم بقوله تعالى في سورة طه:( الآية :  66 ): ((يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى )) بمعنى أن السحر تخييل وشعوذة، وليس له حقيقة وأنه لا يمرض منه أحد، ولا يقتل به إنسان أو حيوان، ففي الآية: أخبر الله تعالى أن حبالهم وعصيهم ما سعت في الحقيقة، إنما خيل إليهم أنها تسعى، فلو كان للسحر حقيقة لتحقق في ذلك الوقت.. إلا أن ابن القصار رَدَّ عليهم بحديث عائشة لما سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

      بينما ذهب بعض الحنفية إلى أن السحر إذا كان عبارة عن شيء يصل إلى جسم المسحور مثل دُخان وغيره، جاز أن يحصل منه ذلك من مرض وموت وغيرهما، فأما أن يحصل ذلك من غير أن يصل شيء إلى بدن المسحور فلا يجوز ذلك، لأنه لو جاز لبطلت معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام باعتبار ذلك خرقا للعادات، وإذا جاز من غير الأنبياء بطلت أدلتهم ومعجزاتهم . 

وخلاصة القول أن السحر له حقيقة وموجود ويؤثر، وأدلة الجمهور في تأثيره، أقوى من أدلة المخالفين، ولقد رأينا الذين أصيبوا به، ولهذا فالواقع لا يرتفع، ولا يمكن إنكاره، فالسحر بدوره مرض من الأمراض، يعالج بالرقية الشرعية وبالأعشاب الطبيعية كما تعالج الأمراض الأخرى بالأدوية، وللسحر أنواع مختلفة وأقسام متنوعة، يعرف من خلال أعراضه التي وضعها المعالجون والرقاة.

إلا أن المعتزلة وأبا بكر الرازي الحنفي المشهور بالجصاص، وأبا جعفر الإستراباذي والبغوي من الشافعية ينكرون جميع أنواع السحر، حيث يعتبرونه تخييلا من الساحر على من يراه، وإيهاما له بما هو خلاف الواقع، وذهبوا إلا أن السحر لا يضر إلا في حالة استعمال الساحر سُمًّا، أو دُخانا يصل إلى بدن المسحور فيلحقه الضرر.

اقرئ أيضا :

Exit mobile version