سنتحدث في هذا المقال عن دعاء الاستخارة شرحا وتوضيحا لأهمية ذلك أثناء أداء صلاة الاستخارة، ولأن أيضا كيفية صلاة الاستخارة مرتبط تماما بفهم دعاء صلاة الاستخارة لأن حضور الذهن والخشوع في الصلاة لا يكون إلا باستحضار معاني ألفاظ دعاء الاستخارة ، ولهذا جاء هذا المقال لإزالة بعض الغموض عن الألفاظ الواردة في دعاء الاستخارة باستحضار النقط الآتية :
- أهمية صلاة الاستخارة
- دعاء الاستخارة .
- شرح ألفاظ دعاء الاستخارة .
أهمية صلاة الاستخارة :
من المعلوم لدى المسلمين أن الشخص إذا احتار في شيء من الأمور المتعلقة بحياته اليومية والتي تحتاج إلى اتخاذ قرار مناسب كالسفر أو الدراسة أو العمل أو الزواج، وغيرها من الأمور التي يصعب الفصل فيها ، إذ لا يعلم الخير أين يكمن ؟ فيلتجأ إما إلى الاستشارة أو إلى صلاة الاستخارة، وهي الأفضل و الأحسن لأن المسلم يستخير الخالق عز وجل لا المخلوق .
فمثلا إذا احتار المسلم في أمر الزواج ، فيحتاج لصلاة الاستخارة للزواج ، أي بنية الزواج مع ذكر ذلك أثناء دعاء الاستخارة، وإن كان حائرا في أمر الطلاق، وهذا يحدث كثيرا عند مجموعة من الأشخاص، فمن الأفضل ألا ينفصل الزوج عن زوجته إلا بعد صلاة الاستخارة للطلاق، والعكس أيضا يقال في الزوجة، حتى لا يقدم الزوجان على فعل يندمان عليه ، وقل هذا أيضا في طلب العلم حينما يحتار الطالب في اختيار تخصصه الذي سيتابع فيه دراسته العليا، فيحتاج لصلاة الاستخارة للدراسة إن لم تسعفه المشاورة .
وإذا كانت طريقة صلاة الاستخارة تشغل بال كثير من الناس، فلا يغفل ويهمل أن يطلع على شرح دعاء الاستخارة ، حتى يحضر الخشوع في الصلاة، والهدوء والطمأنينة ويحصل القصد والغرض من صلاة الاستخارة .
دعاء الاستخارة:
جاء دعاء الاستخارة في حديث جابر رضي الله عنه الذي رواه الإمام البخاري : (.. اللهُمَّ إنِّي أسْتَخيرُكَ بعِلْمِكَ، وأسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأسْألُكَ مِنْ فضلِكَ العَظِيم، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أعْلَمُ، وأنْتَ عَلاَّمُ الغُيوبِ، اللهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أن هذَا الأمرَ – ويُسمِّي حَاجَتَه – خَيرٌ لي في دِيني ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمْري – أو قالَ: عَاجِلهِ وآجِلِهِ – فاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكْ لي فيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمري – أوْ قالَ: عَاجِلِهِ وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، واقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي بِهِ)
شرح ألفاظ دعاء الاستخارة :
سبق لنا أن رأينا حديث جابر رضي الله عنه الذي يضم دعاء صلاة الاستخارة، وفي هذه الفقرة سنشرح أهم الكلمات الواردة في الدعاء حتى يكون المسلم على علم بها وبمدلولاتها ليحضر ذهنه ويكون خاشعا عند قراءته، متأملا فيه .
- قوله: “يقول لنا إذا هَمَّ أحدكم بالأمر” بمعنى الأمور التي لا يدري نتيجتها كالسفر والزواج والعمل وغيرها من الأمور المتعلقة بالحياة .
- قوله: “فليركع ركعتين من غير الفريضة” يقصد صلاة ركعتين من غير الصلوات الخمس المفروضة ( الصبح ، الظهر، العصر، المغرب ، العشاء )، و لهذا فصلاة الاستخارة خارجة عن المفروضات، و لتكون صلاته بابا له لنيل الخير، وسبباً لإجابة ما يريد، وتحقيق مرغوبه، ويقرأُ المستخيرُ ما يسَّرَه الله له من القرآن دون أن يلزم نفسه بشيء معين.
- قوله: “ثم ليَقل” يظهر من هذا أنَّ دعاء الاستخارة يكون بعد الفراغ من صلاة الاستخارة بعد أن يسلِّم، ومن الأفضلُ له أن يرفع يديه عند دعاء الاستخارة؛ لأنَّ رفعَهما ذل على ضعف وانكسار أمام الخالق سبحانه وتعالى وافتقار له عز وجل ، كما قد يكون ذلك سببا من أسباب إجابة الدعاء أيضا
- قوله: “اللَّهمَّ إني أستخيرك بعلمك” يعني: أطلب منك يا الله أن تختار الخيرَ لي وأنت تعلم وعلمك مطلق يحيط بكل شيء بما كان وبما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.
- قوله: “وأستقدرك بقُدرتك” أطلب منك يا رب أن تقدرني عليه وأنت تقدر على كلِّ شيء . وقوله: “فإنَّك تقدِرُ ولا أقدر وتعلم ولا أعلم، وأنت علاَّم الغيوب” فيه افتقار العبد لربه وضعفه وعجزه أمام خالق الأرض والسموات، و الإيمانُ بقدرة الله على كلِّ شيء وبكلِّ شيء، وهذا اعتراف بعجز العبد في اختيار ما يصلح له وينفعه وأن الله لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء.
- وقوله: “اللَّهمَّ إن كنت تعلم أنَّ هذا الأمر” فعليه أن يُسَمِّي هذا الأمر بعينه؛ أي يذكره إن كان زواجاً أو بيعاً أو سفراً أو غيرَ ذلك.
- وقوله: (فاقدُرْهُ) بمعنى: اقضِ لي به وهيئه ويسره لي . وقوله: (فاصرفه عني) بمعنى؛ لا تقضِ لي به، ولا ترزقني إياه، وأبعده عني يا رب. وقوله: (واصرفني عنه) أي: أبعدني عنه، ولا تيسره لي ، وأقلعه من خاطري. وقوله: (حيث كان) بمعنى: اقضِ لي بالخير حيث كان. لأن الهدف من صلاة الاستخارة هو الحصول على قرار فيه خير ونفع على المستخير.
- و قوله: (ثم أرضني به) لأن البعض يصلي صلاة الاستخارة لكنه يكون في تردد وغير راض فجاء دعاء الاستخارة متضمنا لـــ ( ثم أرضيني ) بمعنى اجعلني راضياً بخيرك المقدور، أو بِشرِّك المصروف وألا ينجزع العبد مما اختاره الله له رغم أنه يبدو له الشر في الظاهر ، وكم من نعمة ظاهرها نقمة ؟
- وقوله: “ثم بارك لي فيه” بمعنى ؛ أَدِمْه عليَّ وضاعفه ونميه، فالبَركةُ تشير إلى ثبوتَ النِّعمة ونُمُوَّها.